الألفاظ العامية إما عربية قرشية صحيحة، وإما محرفة عنها تحريفاً قليلاً، وإما عربية من لهجات قبائل أخوى غير قريش، أو محرفة عنها تحريفاً قليلاً، فمن المعروف أن القبائل العربية التي جاءت إلى مصر في العصور المختلفة كانت من أصول مختلفة، وكان مقامها في العواصم والريف وعلى حدود الصحراء سبباً في وجود لهجات متباينة في الأقاليم المختلفة، ولكن العامية المصرية؛ أي: التي نشأت حول العاصمة مصر هي الأكثر انتشاراً، وقد امتزج فيها أثر كثير من القبائل، وكان رائدها دائماً التسهيل في النطق، والتيسير في التداول".
العربية القرشية الصحيحة، والعربية من لهجات قبائل أخرى غير قريش، قد احتوت عليها المعاجم الواسعة، ودواوين الشعراء. أما المحرفة عن القرشية، أو لهجات القبائل تحريفاً قليلاً أو كثيراً، فيجب تصحيحها، وتخطئة من ينطق بها محرفة، ولا يكفي في عدها صحيحة احتمال أن تكون لهجة قبيلة عربية من القبائل التي جاءت إلى مصر في العصور المختلفة.
ولو فتحنا باب التحريف بعلة التسهيل في النطق، والتيسير في التداول، لأفسدنا على اللغة الفصحى نظامها، وحشرنا فيها من الألفاظ ما يكثر سواد مترادفاتها، ونحن نريد التقليل منها ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً.
قال حضرة العضو المحترم (ص ٤): "ويستطيع كل منا أن يخلو إلى نفسه، ويثبت ما يرد على خاطره من الألفاظ المعروفة المتداولة، ومنها يتبين أن الألفاظ العامية ليست سوى صور من ألفاظ عربية ليس من العسير أن تصحح، بل إنه ليس من العسير أن يرد إليها اعتبارها، وترفع عنها الوصمة التي لصقت بها على مر القرون".