إن كانت هذه الألفاظ العامية مخالفة للسماع، فتصحيحها أن ترد إلى الوجه الذي نطق به الفصحاء من قبل، وإن كانت خارجة عن القياس، فتصحيحها أن ترد إلى الوجه الذي يوافق مقاييس اللغة الفصحى، أما ما يرد إليه اعتباره، وهو الكلمات العربية التي تلوكها ألسنة العامة، ويتحاماها البلغاء لابتذالها، فتلك الكلمات لم تزل معدودة في العربي الفصيح، وإذا تحاماها الأديب البارع، مؤثراً عليها ما يراه أجود وأليق بنظم الكلام، فكل له ذوقه واختياره فيما يستعمل من الألفاظ.
قال حضرة العضو المحترم (ص ٤): "ونرى أن بُعد الألفاظ العامية عن العربية مبالغَ فيه، فالفرق لا يزال ضئيلاً بينها وبين الفصحى، ومن اليسير تدارك الأمر إذا نحن عنينا بجمع كل المفردات العامية، وعنينا لإعادة الاعتبار إلى كل ما يمكن رد الاعتبار إليه، وصححنا كل ما يمكن تصحيحه منها بغير إبعاد لها عن صورتها كلما أمكن ذلك".
لا ندري ماذا يريد حضرة العضو المحترم: أنجمع المفردات العامية في لهجات الشعوب العربية الجارية اليوم، أم يريد خصوص اللهجة المصرية وحدها؟ فإن أراد إجراء العمل في جميع اللهجات العربية؛ بأن يعيد للألفاظ العامية اعتبارها، فقد عمل على تكثير المترادفات في اللغة، وساعد على أن تكون لهجات الشعوب مختلفة، مع إمكان توحيدها في دائرة اللغة الفصحى، وإن أراد إجراء اللهجة المصرية خاصة، قلنا: إن الشعوب الأخرى إنما ترضى العود إلى اللغة العربية الفصحى، ولا يستطيع المجمع، ولا ما هو أقوى من المجمع أن يحملها على العود إلى لغة إقليمية، وإن بلغ أهلها في الثقافة ما لم يبلغه غيرهم.