للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن صح أن يكون للعامية نظام كامل كما قال حضرته أولاً، أو أنها كادت تصير لغة قائمة بنفسها كما قال حضرته ثانياً، فما على المجمع إلا أن ينظر في تلك النظم أو القواعد، فيعيدها إلى نظم اللغة الفصحى وقواعدها.

قال حضرة العضو المحترم (ص ١٠): "عندما اضطرت الحياة الشعوب المتكلمة بالعربية إلى تطوير لغتها، أشعرت هذه الشعوب في الوقت عينه أنها مهددة بالحرمان الأدبي منذ بعدت الشقة بينها وبين اللغة الأدبية، والشعوب لا يمكن أن تحيا بغير تعبير عن خلجات نفسها في الأغاني والأناشيد والأمثال والعبر، فوجد الموهوبون من عامة الشعب وبعض الأدباء المتصلين بالشعب أن اللغة التي يتخاطبون بها، ويتعاملون ويفكرون في حاجة إلى أن تؤدي ما يحتاج إليه الناس من التعبير، وأخذوا يحاولون مرة بعد مرة أن يجعلوها أداة أدبية، فتحللوا من الأساليب الأدبية المعروفة في اللغة الفصحى؛ لأنها لا تلائم تلك اللغة الساذجة التي تولدت منها، فاخترعوا الموشحات، والمواليا ... إلخ ".

يصرح حضرة العضو المحترم هنا بأن الشقة بين العامية والعربية بعيدة، وقال في موضع آخر: والفرق بينهما لا يزال ضئيلاً.

قال حضرة العضو المحترم (ص ١١): "فلو كانت العامية لا تزيد على أنها استخدمت أداة للتعامل في الأسواق والحياة اليومية، لكان أمرها هيناً، ولكنها منذ برهنت على صلاحها للتعبير الأدبي، وصار من الممكن أن تنطلق في سبيلها متباعدة عن الفصحى، حتى ينتهي بها الأمر إلى الاستغناء عنها، بل إن جمال أساليب التعبير العامي إذا بلغ مداه، كان أجدر أن يسترق القلوب؛ لأن تلك الأساليب أقرب إلى النفس والإلهام من الفصحى؛ لشدة