للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اتصالها بحياة الكافة".

لم تبرهن العامية حتى اليوم على صلاحها للتعبير الأدبي، وما هي إلا كالعامية التي توجد في كثير من اللغات الحية بجانب لغة الأدباء والكتاب، وهل وجد في أصحاب تلك اللغات من يدعو إلى ترك لغة الأدب والكتابة، واستبدال عاميتهم بها؟ قال الأستاذ جبر ضومط في مقال له نشرته مجلة "السيدات والرجال" (م ٦ ص ٤٤٩ و ٤٥٠):

"خذ الإنكليزية - مثلاً -، فترى فيها لغتين: مكتتبة وهي الفصحى، وعامية وهي الدارجة، والفصاحة في المكتتبة بالغة أعلى درجاتها في لندن، والدارجة بالغة أحط درجاتها أيضاً في بعض أقسام من تلك المدينة؛ حيث الفقر والجهل على أشدهما، ومثل الإنكليزية الفرنسية، ومثل لندن باريس، فإن اللغة المكتتبة فيها وصلت في كتابات بعضهم إلى ما وصلت إليه تماثيل اليونان الجميلة، ولكن اللغة الدارجة في بعض شوارع باريس لا يزيد نصيبها عما هي فيما يقابلها من شوارع لندن، بل في برلين مدينة العلم والعلماء، ومدينة الأدب والأدباء تهبط اللغة الدائرة على الألسنة في أفواه الأقوام من الغوغاء والخشارة إلى ما لا يستطيع أن يتصور مثله بين أقوام العامة عندنا".

قال حضرة العضو المحترم (ص ١٢): "غير أننا لا ينبغي لنا أن نتجاهل الخطر الماثل في لباقة اللغة العامية وصلاحيتها كأداة للتعبير الأدبي، فهو إن كان اليوم من ذلك محدوداً، فقد يكون غداً أقوى. وقد تصبح أقدر على الأداء الأدبي السامي من الفصحى، إذا فتن الشباب المثقف بالإنتاج الفكري باللغة العامية، وعملت أجيال منهم على الارتفاع بها إلى المستوى الأدبي