يراعى في تأليفها ثلاثة معان - مثلاً - تكون أرجح وزناً، وأنفس قيمة من الصورة التي تبنى على رعاية معنيين، فمن الشعراء من يصور لك الرمح شهاباً ثاقباً، فهل يحق لك أن تساويه بمن يخيله لك ورؤوس الأعداء منصوبة على طرفه بالغصن يوم يكون مكللاً بالثمار؟ كما قال ابن عمار يخاطب المعتصم صاحب "المرية":
أثمرتَ رمحك من رؤوس كُماتِهم ... لما رأيتَ الغصنَ يُعشق مثمِرا
يقف الناس في تصوير الحرب بمعنى الرحى عند قولهم: دارت رحى الحرب، وكان عمرو بن كلثوم أبسطهم في هذا التخييل باعاً، حيث يقول في وصف الحرب:
متى ننقل إلى قومٍ رحاها ... يكونوا في اللقاء لها طحينا
فالثفال: ما يُبسط تحت الرحى ليتساقط عليه الدقيق، واللهوة: القبضة من الحب تُلقى في فم الرحى لتطحنها، وقضاعة: هي القبيلة التي يهمدها هذا الشاعر بالحرب الطاحنة، وكأني به عندما حضر في نفسه معنى الحرب، انساق إليه معنى الرحى لما بينهما من التشابه المعهود، ثم تنقل نظره من الرحى إلى ما هو من خواصها، فوقع على الثفال واللهوة، ثم انقلب إلى معنى الحرب، وألقى نظره إلى ما حوله، فتراءى له ميدانها مبسوطاً كالثفال، والرجال الذين يتهافتون عليها فتتناثر رؤوسهم، وتتساقط أشلاؤهم على ذلك الميدان في صورة اللهوة، فصاغ الأبيات على هذا الوجه الذي يدل على حسن تصرفه في ضم المعاني إلى أشكالها.
والأدباء الذين أروك الحصى في صورة الدر ليسوا بقليل، وإنما المزية