من الشعراء، فيعرفون من يأتي بالمعنى الغريب، ومن يتخيل التخيل الرائع.
ويروى: أن الرشيد قال ليزيد بن مزيد: أتعرف من يقول فيك:
تراه في الأمن في درعٍ مضاعفة ... لا يأمن الدهرَ أن يأتي على عجلِ
قال: لا يا أمير المؤمنين، لا أعرف قائله.
فقال الرشيد: قد بلغ هذا الشعر أمير المؤمنين، فرواه وأجازه، وأنت لا تعرف قائله؟! وقائله هو مسلم بن الوليد.
وقد يكون الخليفة أو الملك أو الوزير هو الذي يدرك بلاغة القصيدة؛ لكثرة ورود الشعراء لمجلسه، وتقريبه لهم؛ لنشر مفاخره ومآثره بين الناس، وإن لم يكن الشعر في مدحه.
روي: أن هشام بن عبد الملك قال لأهله وولده: ليقل كل واحد منكم أحسن ما سمع من شعر، فواحد يذكر شعر امرئ القيس، وآخر يذكر شعر الأعشى، وآخر يذكر شعر طرفة، وأكثروا حتى أتوا على محاسنهم.
فقال لهم: أشعرهم - والله - الذي يقول:
وذي رحم قلَّمت أظفارَ ضِغنه ... بحلميَ عنه وهو ليس له حلمُ
وذكر الأبيات، وهي لمعن بن أوس المزني، وأعجب بها؛ لسلاسة لفظها، ودلالتها على خلق قلما نجد من يتصف به.
ويقال: إن الرشيد قال لمروان بن أبي حفصة: أنشدني مرثيتك في معن ابن زائدة، فأنشده إياها، فتأثر الرشيد وأجازه.
وكذلك يروى: أن الوزير جعفر البرمكي قال لمروان بن أبي حفصة: أنشدني مرثيتك في معن بن زائدة، فأنشده إياها، فتأثر من نظمها البليغ,