ذكر الجاحظ عتبان بن أصيلة الشيباني في كتاب "البيان"، وقال: وهو الذي يقول:
ولا صلحَ ما دامت منابرُ أرضنا ... يقوم عليها من ثقيف خطيبُ
وقد يحتاج الشاعر إلى أن يدل على سمو مكانته في الشعر قوماً يجهلونها، فيقصد إلى أحسن ما يحضره من شعره، ويقول: أنا القائل كذا.
دخل أبو محمد جعفر المعروف بعنق الفضة مجلساً فيه ابن خفاجة، فقال له ابن خفاجة: ليت شعري من تكون؟ قال: أنا القائل:
كلما هبَّت شمالٌ منهم ... لعبت بي عن يمين وشمال
فارقت فكرتي أرواحها ... فأتت منهن بالسحر الحلال
فقال ابن خفاجة: من يكون هذا قوله لا ينبغي أن يجهل.
وقد يبلغ الطرب للشعر أن يخرج صاحبه عن عادة أمثاله، فيقول أو يفعل ما لا يلائم الرويَّة والوقار. سمع العباس بن الأحنف قصيدة ابن الدمينة التي يقول في أولها:
ألا يا صبا نجدٍ متى هجت من نجدِ ... فقد زادني مسراكَ وجداً على وجدِ
فحفظها، وجاء بها إلى إبراهيم الموصلي، وبعد أن أنشدها، ترنح وقال: أنطح العمود برأسي من حسن هذا الشعر؟!.
وأنشد أبو تمام في مجلس الحسن بن رجاء قصيدته اللامية المعروفة، ولما وصل إلى قوله:
لا تنكري عَطَلَ الكريمِ من الغنى ... فالسيلُ حربٌ للمكانِ العالي
وتنظري حيث الركاب ينصها ... محيي القريض إلى مميت المال