للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودخل جماعة من الشعراء على المنصور، فأنشدوه قصائدهم من وراء حجاب، ودخل الشاعر المعروف بابن هرمة في آخرهم، وأنشده قصيدته التي يقول فيها:

له لحظات في خفايا سريره ... إذا كرها فيها عقاب ونائل

فقال: يا غلام! ارفع الحجاب، وفضله عليهم في الجائزة.

كنت لقيت المرحوم محمد فريد في "برلين"، فقال لي: إني اشتقت إلى قراءة كتاب عربي، فهل عندك من كتاب تعيرني إياه؟ فبعثت إليه بكتاب "الوساطة بين المتنيي وخصومه" للقاضي علي بن عبد العزيز الجرجاني، ولقيته بعد حين، فقال لي: لم أعجب من الكتاب إلا بأبيات للمؤلف وردت في صدر الكتاب، ومن شدة إعجابي بها نقلتها في مذكرة. يريد: الأبيات التي يقول فيها صاحب "الوساطة":

ولم أقض حق العلم إن كان كلما ... بدا طمع صيرته لي سُلَّما

أأغرسه عزاً وأجنيه ذلة ... إذن فاتباعُ الجهل قد كان أحزما

ومن مظاهر الإعجاب بالشعر: أن يأخذ الرجل عقب سماعه في ترديد البيت أو الشطر الذي كان إعجابه به أشد، سمع دعبل قول أبي تمام:

وأنجدتم من بعد إتهام أرضكم ... فيا دمعُ أنجدني على ساكني نجد

فقال: أحسن والله، وأخذ يردد قوله: "فيا دمع أنجدني على ساكني نجد".

ومن الطرق التي يدلون بها على إعجابهم بالشعر: أن يذكر لك الأديب شاعراً، ويقول لك: وهو الذي يقول كذا.