فقال البهاء زهير: حسن والله، ولكن الأقرب إلى هذا الطريق أن تقول:
هل ملت من طرب معي
وترى في هذا العصر تنافساً شديداً بين الشعراء، حتى إن الشاعر قد يدعي لنفسه شعر آخر، وهو في قيد الحياة، وأسوق على هذا حادثتين: إحداهما: نزل وقع بين ابن شمس الخلافة، وابن مطروح في بيت ادعى كل منهما أنه قائله، وبلغ بهما النزاع أن أقام كل منهما شاهداً على أن البيت له، والبيت هو:
وأقولُ يا أختَ الغزالِ ملاحةً ... فتقول لا عاشَ الغزالُ ولا بقي
ثانيتهما: نزاع جرى بين ابن الخيمي، وابن إسرائيل، تنازعا في القصيدة التي جاء فيها البيت المشهور:
يا بارقاً بأعالي الرقمتين بدا ... لقد حكوت ولكنْ فاتك الشنبُ
ثم إن الشاعرين تراضيا على تحكيم ابن الفارض. فأمر كلاً منهما أن ينظم قصيدة في وزنها، فذهبا وأتياه وأنشداه ما نظما، فحكم بها لابن الخيمي، وقال لابن إسرائيل:
لقد حكوت ولكن فاتك الشنب
ولا بدع أن يعرف الأديب الألمعي أن هذا الشعر من نظم زيد أو عمرو، مستنداً في ذلك إلى قوة شبهه بأسلوبه، فللأشعار قافة يعرفون أنسابها من روح المعنى وطرز النظم، كما أن للناس قافة يعرفون أنسابهم من النظر في خلقتهم وملامح وجوههم.
وكان الشعر المصري في ذلك العهد يصل إلى بلاد المغرب والأندلس