على أيدي الراحلين من العلماء والأدباء، تقرأ في التاريخ: أن الكاتب ابن عبد ربه الأندلسي اجتمع في رحلته بابن سناء الملك، وأخذ عنه شيئاً من شعره، ورواه بالمغرب، وكذلك الوزير أبو عبد الله بن الحكيم الرندي الأندلسي أخذ في رحلته عن الشهاب ابن الخيمي قصيدته التي يقول في أولها:
يا مطلباً ليس لي في غيره أربُ ... إليك آل القضى وانتهى الطلب
وعاد بها إلى الأندلس.
وكان للأدباء في ذلك العصر مجالس يتذاكرون فيها الأشعار، ومجامع يحتفلون فيها بمن يرد مصر من الأدباء. يقول ابن خلكان في ترجمة ابن سناء الملك:
"واتفق في عصره بمصر جماعة من الشعراء المجيدين، وكان لهم مجالس يجري بينهم فيها مفاكهات، ومحاورات يروق سماعها، ودخل في ذلك الوقت إلى مصر شرف الدين بن عُنين، فاحتفلوا به، وعملوا له دعوات، وكانوا يجتمعون على أرغد عيش، وجرت له محافل سطرت عنهم، ولولا خشية الإطالة، لذكرت بعضها".
ونسوق على هذا: أن علي بن سعيد الأندلسي دخل مصر في أوائل القرن السابع، فاحتفل به أدباؤها، وأقاموا له في بعض المتنزهات بظاهر القاهرة مأدبة؛ ومما جرى في هذا الاحتفال من الملح الأدبية: أن أبا الحسين الجزار داس بساطاً من النرجس، فقال له ابن سعيد مرتجلاً:
يا واطئ النرجس ما تستحي ... أن تطأ الأعينَ بالأرجل
وجاراه بعض الأدباء وقتئذ بشعر يناسب هذا البيت.
وكذلك كانت مصر تبسم في وجوه الأدباء منذ عهد قديم، وأذكر أن