ثم إنا نرى حسان يعني في فخره بخصلة النزاهة عن الفحش كما قال:
أبي فعلنا المعروف أن ننطق الخنا ... وقائلنا بالعرف أن لاتكلما
وقال في الفخر:
مساميحُ بالمعروفِ وسط رحالنا ... وشباننا بالفحش أبخل باخل
وقال يمدح قومه:
إذا اختبطوا لم يفحشوا في نديهم ... وليس على سؤّالهم عندهم بخل
وقال:
مقاويل بالمعروف خرس عن الخنا ... كرام معاطي للعشيرة سؤلها
وليس من شك في أن تلك الأبيات المقذعة فحش ليس بعده فحش.
وإذا وجد بعض هذا الشعر المقذع في سيرة ابن إسحاق، فإن لدينا نصوصًا تجعلنا لا نتقبل ما يرويه ابن إسحاق في السيرة من الشعر إلا بتحفظ، فهذا ابن هشام قد يورد القصيدة منسوبة إلى من نسبها إليه ابن إسحاق، ويقول: وأهل العلم أو أكثر أهل العلم ينكرها لفلان؛ أي: الذي نسبها إليه ابن إسحاق.
إذن ابن إسحاق نسب في السيرة أشعاراً كثيرة لأناس ينكر أهل العلم أن تكون لهم، وهذا يساعدنا على إنكار أن يكون هذا الشعر المقذع قد صدر من حسان في عهد النبوة.
ونزيد على هذا: أن من نقّاد الرجال من أنكر على ابن إسحاق هذا الشعر الذي يرويه. قال ابن معين في حق ابن إسحاق: ماله عندي ذنب إلا ما قد حشا في السيرة من الأشياء المنكرة، والأشعار المكذوبة.