للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أتنسى إذ تودعنا سليمى ... بعود بشامة سُقي البشام

ألا تراه مقبلاً على شعره، ثم التفت إلى البشام، فدعا له؟.

وتحدث عن التغليب، فقال: إذا كان أخوان أو صاحبان، وكان أحدهما أشهر من الآخر، سمِّيا باسم الأشهر، من هذا الباب: الأسودان: التمر والماء، والأبيضان: الخبز والماء.

جاء بعد هؤلاء عمرو بن بحر الجاحظ المتوفى سنة ٢٥٥، وهو ممن جمع بين علم الكلام والرسوخ في اللغة وآدابها، ومن مؤلفاته كتاب "البيان والتبيين"، أورد فيه ما قيل في تعريف البلاغة، وتحدث عما يرجع إلى وصف الفصاحة من حسن الألفاظ، وخلوص الكلمات من التنافر والتعقيد، وتعرض إلى شيء من فنون البيان، وما يسمونه: البديع. وصفه أبو هلال العسكري بمثل ما وصفنا، ثم قال: "إلا أن إبانته عن حدود البلاغة وأقسام البيان والفصاحة مبثوثة في تضاعيفه، ومتنثرة في أثنائه، فهي ضالة بين الأمثلة، لا توجد إلا بالتأمل الطويل، والتصفح الكثير".

ولم يقل الجاحظ: إني استمد من ملاحظات المتكلمين، ولا حدثنا عما يلاحظه بعضهم على بعض، فقول المحاضر في محاضرته الثانية: "وإن الجاحظ يرجع في ذلك إلى علماء الكلام، ويعتمد على ملاحظاتهم التي كان يأخذها على بعضهم البعض" هو إلى الفرض أقرب منه إلى التحقيق، وقد نطق المحاضر في محاضرته الثانية بغير هذا، فقال: "إن الجاحظ لم يرد أن يؤلف كتاباً في البيان، وإنما أراد تدوين خواطر كانت شائعة في ذلك الوقت عند الأدباء والشعراء".

وهل ما كتبه الجاحظ في البيان مأخوذ مما ترجم عن اليونان والفرس؟