ذكر الصبوح بسحرة فارتاحا ... وأملَّه ديك الصباح صياحا
وقال له: كيف ارتياح وملل؟!.
وهذا أبو نواس عاب قول مسلم بن الوليد:
عاصى الشباب فراح غير مفند ... وأقام بين عزيمة وتجلد
وقال له: هذه مناقضة، قلت:"فراح"، ثم قلت:"فأقام".
وقدامة نفسه يعترف بأنه سبق إليه إذ يقول: وقد أنكر الناس وعابوا قول زهير:
قف بالديار التي لم يعفها القدم ... بلى وغيّرها الأرواح والديم
وتجدونه يورد في عيوب اللفظ:"الحوشي"، وهو أن يرتكب الشاعر ما لا يستعمل ولا يتكلم به إلا شاذًا، وهذا مما سبقه إلى إنكاره البلغاء، ومن كلام المأمون في وصف البليغ:"ولا يتعمد الغريب الوحشي، ولا الساقط السوقي"، وقدامة نفسه يحكي قول عمر بن الخطاب يمدح شعر زهير:"كان لا يتبع حوشي الكلام".
وتجدونه يورد في عيوب الغزل: أن يأتي فيه الشاعر جفاء لا يلائم دعوى العشق والغرام، وهو مسبوق بهذا النوع من النقد؛ فإنا نقرأ في "الكامل" للمبرد: أن كثيراً عاب قول الأحوص:
فان تصلي أصلك وإن تعودي ... لهجر بعد وصلك لا أبالي
وقال له: لو كنت من فحول الشعراء، لباليت، هذا قلت كما قال هذا - يعني: نصيباً -:
بزينب ألمم قبل أن يظعن الركب ... وقيل إن تملِّينا فما ملَّكِ القلبُ