فشعر بعضهم بما في البيتين من العيب، وهو أن قوله:"ومن كفيه بحراً من الندى" إنما يناسب الخوف من الفقر والخصاصة، لا مخافة البغي من العدا.
وإذا كان أصل النوع معروفاً عند الأدباء، ففضل قدامة في أن وضع له حداً، وسماه: صحة التفسير.
وانفرد قدامة بالنوع الذي يسميه:"التوشيح"، وهو أن يكون أول البيت شاهداً بقافيته، وقد سبقه إلى هذا أستاذ علماء العربية الخليل بن أحمد، فإنا نقرأ في كتب الأدب؛ "كالعقد الفريد": أنه قيل له: أي بيت تقول العرب أشعر؟ فقال: البيت الذي يكون في أوله دليل على قافيته، وما كان من قدامة إلا أن سماه: التوشيح، وسماه غيره:"التسهيم"، وقيل: إن الذي سماه: التسهيم هو علي بن هارون المنجم المولود سنة ٢٧٧، المتوفى سنة ٣٥٢، وأما ابن وكيع، وهو أبو محمد الحسن ابن علي المتوفى سنة ٣٩٣، فيسميه المُطمع.
هذا ما كتب فيه قدامة من وجوه البديع، وكذلك الشأن فيما بحث فيه من العيوب.
تجدونه يورد في عيوب ائتلاف اللفظ والوزن:"الحشو"، وقد بحث الأدباء في هذا من قبله، ومما ينقل في هذا: أن حماد بن إسحاق الموصلي يقول في بيت من شعر أبيه إسحاق، وهو:
وأبرح ما يكون الشوق يوماً ... إذا دنت الديار من الديار
قد عابوا عليه قوله:"يوماً" بأنه حشو.
وتجدونه يورد في عيوب المعنى:"التناقض"، وقد تحدث عنه الأدباء من قبله، فهذا مسلم بن الوليد عاب قول أبي نواس: