بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه ... وأيقن أنا لاحقان بقيصرا
فقلت له: لا تبك عيناك إنما ... نحاول ملكاً أو نموت فنعذرا
أو لم يقرؤوا أن أبا الصلت، أو أمية بن أبي الصلت رحل إلى سيف ابن ذي يزن ليهنئه بالانتصار على الحبشة، وأنشد بين يديه قصيدته التي يقول فيها:
فاشرب هنيئاً عليك التاج مرتفعاً ... في رأس غمدان داراً منك محلالاً
وقال فيها:
من مثل كسرى وسابور الجنود له ... أو مثل وهرز يوم الجيش إذ صالا
بلى! وقرؤوا أن الأعشى كان "يفد على ملوك فارس، ولذلك كثرت الفارسية في شعره"(١). وقرؤوا أن النعمان بن المنذر وفد على كسرى بطائفة من فصحاء العرب: أكثم بن صيفي، وحاجب بن زرارة، والحارث بن عباد البكري، وعمرو بن الشريد، وخالد بن جعفر، وعلقمة بن علاثة، وقيس ابن مسعود، وعامر بن الطفيل، وعمرو بن معدي كرب، والحارث بن ظالم. وقرؤوا أن قابوس بن المنذر الأكبر بعث إلى كسرى بن هرمز بعديّ ابن زيد وإخوته، فكانوا في كتّابه يترجمون.
وإذا كان هذا الشعر والأخبار المتصلة به من قبيل المصطنع في نظر المؤلف، فذلك بحث آخر لا يعنيه المؤلف في هذا المقام، فهم على أي حال لا يتصورون العرب في ذلك الانقطاع البعيد كما يدّعي عليهم، ولا يستطيعون