للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتختلف عنها في قسم من الألفاظ المفردة أسماء أو أفعالاً.

ومن الممكن القريب أيضاً أن يكون أهل المكان الذي عثر فيه على هذه المخطوطات الأثرية ينطقون باللغة القريبة من اللغة العدنانية، ولكنهم استمروا في الكتابة على لغتهم التي كانت اللسان الرسمي لسياستهم أو ديانتهم، وقد حكى التاريخ لهذا الوجه نظائر تسمو به إلى درجة القبول. فاللغة البابلية تفرعت إلى عدة لغات، من بينها اللغة الآرامية، وبقيت مع هذا الاختلاف لغة الكتابة إلى أن قامت اللغة الآرامية مقامها في السياسة والتجارة. وكذلك يقول جرجي زيدان في الحديث عن الأنباط: "أما لسانهم الذي كانوا يتفاهمون به، فإنه عربي مثل أسمائهم، ولا عبرة بما وجدوه منقوشًا على آثارهم باللغة الآرامية؛ فإنها لغة الكتابة في ذلك العهد مثل اللغة الفصحى في أيامنا، وذلك كان شأن الدول القديمة بالشرق، ولا سيما فيما يتعلق بالآثار الدينية أو السياسية" (١).

ومما يلائم هذا البحث: أنك تجد في السيرة النبوية أمثلة من أقوال زعماء اليمانيين الوافدين على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فتراها قريبة من اللغة العدنانية، أو مماثلة لها من جهة قواعد الصرف والنحو، ولا أريد باقوال هؤلاء الزعماء ما يحكيه المؤرخ بقصد إفادة معانيه كما يحكي لك كلاماً أعجمياً بلفظ عربي مبين، بل أريد بها: ما يحكيه الرواة قصداً إلى بيان لهجتهم وأسلوب حديثهم.

ومن هذه الأمثلة خطبة طهفة بن أبي زهير (٢) النهدي حين وفد على


(١) "العرب قبل الإسلام" (ص ٧٩).
(٢) منسوب إلى نهد قبيلة باليمن.