للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالقصة جاءت في القرآن على وجه الحيلة في إثبات الصلة بين الإسلام واليهودية، وجاعت في القرآن لإثبات الصلة بين الدين الجديد، وهو الإسلام، والديانتين اليهودية والنصرانية، وجاءت في القرآن لإثبات صلة مادية بين العرب وأهل الكتاب.

هكذا يقول المؤلف! ويقول صاحب "ذيل مقالة في الإسلام": "ولما ظهر محمد، رأى المصلحة في إقرارها، فأقرها، وقال للعرب: إنه إنما يدعوهم إلى ملة جدهم هذا الذي يعظمونه من غير أن يعرفوه".

تابع المؤلف صاحب "الذيل" في زعمه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وجد أمامة هذه القصة المزورة دائرة على ألسن العرب، فابتغاها وسيلة في بث الدعوة إلى هذا الدين الجديد، غير أنهما اختلفا في تصوير الغاية من تقريره لهذه القصة، فصاحب "الذيل" يزعم أنه أقرها لاستمالة العرب بإراءتهم أنه يدعوهم إلى ملة جدّهم الذي يعظمونه بقلوب لم تعرفه، والمؤلف أراد التظاهر بأنه لا يمشي خلف صاحب "الذيل" في كل رأي، فأخذ يتحسس لعله يلمس وجهاً غير وجه صاحب الذيل، حتى وقع خاطره على تخيل: أن النبي -عليه الصلاة والسلام - أتى بالقصة في القرآن لاستمالة أهل الكتاب من اليهود والنصارى حيث اشتدت الخصومة بينه وبين الوثنيين.

لا يهمنا كثيراً التنقيب عن مصادر الآراء، والخوض في أن المؤلف اعتصرها بفكره، أو تناولها على حين غفلة أو موت من أهلها، والذي يعنينا كثيراً إنما هو نقد الآراء نفسها حتى ينجلي أمرها، ويمتاز حقها من باطلها.

تعرضت التوراة لذكر إسماعيل - عليه السلام - ولم تأت على أبوته للعرب بصراحة، وإنما جاء فيها خطاباً لإبراهيم - عليه السلام -: "وأما