الذي ابتدأنا به منذ حين، وهو أن هذا الشعر الذي يسمونه: الجاهلي لا يمثل اللغة الجاهلية، ولا يمكن أن يكون صحيحاً؛ ذلك لأننا نجد بين هؤلاء الشعراء الذين يضيفون إليهم شيئاً كثيراً من الشعر الجاهلي قوماً ينتسبون إلى عرب اليمن، إلى هذه القحطانية العاربة التي كانت تتكلم لغة غير لغة القرآن، والتي كان يقول عنها أبو عمرو بن العلاء: إن لغتها مخالفة للغة العرب، والتي أثبت البحث الحديث أن لها لغة أخرى غير لغة العربية".
قد عرفت أن المؤلف نحا بعبارة أبي عمرو بن العلاء نحواً من التحريف؛ ليجد فيها من الشاهد لرأيه ما لا يجده حين يوردها على وجهها. وقلنا لك مرة، بل مرتين: إن أبا عمرو لا يريد إلا أن بينها وبين العدنانية اختلافاً، وذلك ما لا ينكره قديم أو جديد، ولم يقل: إن لغة اليمن مخالفة للغة العربية، بل سمى لغتهم عربية، وقال: وما عربيتهم بعربيتنا. وخضنا فيما يدل عليه البحث الحديث، وانتهينا إلى أنه لا يعترض الاعتقاد بأن فوارق اللغة القحطانية كانت حوالي القرن الأول قبل الإسلام خفيفة إلى حد أن قبلت الخروج في زيّ العدنانية بعده بسهولة.
هذا شأن الاختلاف بين اللغتين، أما تشابه الشعر القحطاني والعدناني، فله سبيل غير هذا السبيل، والرأي الذي يوافق إجماع الروايات، ويؤيده النظر، ولا يعترضه البحث الحديث: أن الشعراء في جنوب الجزيرة وشمالها أصبحوا من قبْل الإسلام ينظمون الشعر بلهجة واحدة، أو متقاربة، وإليك البيان:
من الواضح الذي تستحي أن تعزوه إلى كتاب، أو تقيم عليه شاهداً: أن لغة قريش كانت أفصح لغات العرب قاطبة، وسبب هذا التفوق: موقع