للقبائل كلها رغم هذا الاختلاف. ولكني أظن أنك تنسى شيئاً يحسن ألا تنساه، وهو أن القبائل بعد الإسلام قد اتخذت للأدب لغة غير لغتها، وتقيدت في الأدب بقيود لم تكن لتتقيد بها لو كتبت أو شعرت في لغتها الخاصة؛ أي: أن الإسلام قد فرض على العرب جميعاً لغة عامة واحدة، وهي لغة قريش، فليس غريبًا أن تتقيد هذه القبائل بهذه اللغة الجديدة في شعرها ونثرها، في أدبها بوجه عام. لم يكن التميمي أو القيسي حين يقول الشعر في الإسلام يقوله بلغة تميم أو قيس ولهجتها".
قال المؤلف فيما سلف (١): "قبل أن يفرض القرآن على العرب لغة واحدة"، وقال هنا: "إن الإسلام قد فرض على العرب جميعاً لغة واحدة هي لغة قريش"، والخبير بحقائق الإسلام يعرف أن القرآن أو الإسلام لم يفرض على العرب لغة واحدة، واختلاف القراءات القائم على اختلاف اللهجات شاهد صدق على أن الإسلام لم يكلف القبائل بترك لهجاتها، ولم يحملها على لغة "النبي وعشيرته من قريش". والواقع أن الوحدة العربية التي استحكمت حلقاتها بهداية الإسلام، وكون أكثر القائمين بالدعوة إلى هذه الهداية، والممثلين لسياستها ينطقون باللغة التي نزل بها القرآن، وكون القرآن أصبح متلواً بكل لسان، هذه الأسباب الثلاثة ذهبت بجانب عظيم من اختلاف اللهجات، وأصبحت اللغة الجارية على ألسنة العرب تقارب لهجة القرآن، فمان أراد المؤلف بفرض القرآن وفرض الإسلام هذا المعنى، وأغضينا عن هذا التعبير الذي يوهم طلاب الجامعة أن الإسلام يفرض على الناس لغة واحدة، كان معنى جوابه: أنه وجد سبب طبيعي لتوحيد تلك