للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخرج أحمد، والترمذي وصححه، من حديث جابر بن سمرة، قال: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتذاكرون الشعر، وحديث الجاهلية عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا ينهاهم، وربما يبتسم (١).

ولا يمنع الإسلام من إنشاد أشعار تشتمل على مفاخر قومية، إلا أن تنطوي على هجاء يتأذى منه بعض السامعين؛ كالأشعار التي نهى عمر بن الخطاب عن إنشادها.

ثم تصدى (مرغليوث) للبحث في الطريق الثاني -وهو الكتابة-، فقال: "بقي لدينا أن يقال: إنها كانت تنقل على طريق الكتابة، ولو صح زعم أن هذه القصائد كانت عندما تنشد، ويعجب الناس بها، يكتبونها، ويسألون عن منشئها، لكان من البديهي أن تنقل صور هذه الصحائف، وتباع حتى يستفيد منها أربابها".

الشعر الجاهلي مرويّ بطريق الحفظ، ومن الجائز أن تصل بعض الأشعار إلى الرواة على طريق الكتابة، والقصيدة تكتب في صحيفة أو صحيفتين، ولم يكن لأمثال هذه الصحف المفرقة قيمة ورواج، حتى يذكر التاريخ أنها كانت تباع، ويستفيد منها أربابها.

ثم قال (مرغليوث): "طالما جرى ذكر الكتابة في هذه القصائد، حتى إن بعض الشعراء ذكرها في شأن أشعاره نفسها، فالحارث بن حلزة ذكر (في البيت ٦٧) من معلقته عقد معاهدات مسطورة على مهارق" (٢).


(١) "فتح الباري" (ج ١٠ ص ٤١١).
(٢) يعني قوله:
حذر الجور والتعدي وهل ينـ ... ـقض ما في المهارق الأهواء