للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنشد شاعر جاهلي قطعة من كتاب أملاه عليه آخر كما في "ديوان هذيل" (١).

ثم قال: "إذاً، من الممكن صحة نسبة هذا الشعر إلى الجاهليين؛ حيث نفرض أنها كانت تكتب، وتنشر بانتظام، ولكن وجود أدبيات مسطورة قبل الإسلام بقلم حميري، أو بخط آخر، يناقض نصوص القرآن حين يقول للعرب: {أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ} [القلم: ٣٧] القلم: ٣٧، ويقول: {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ} [الطور: ٤١]. ولو أن الشعر الجاهلي كان محفوظاً في كتاب، لثبت أن للجاهليين جملة كتب مهمة، وسؤال القرآن وإنكاره يدل على عدم وجودها".

وقد تعرض (إدور براونلش) إلى هذه الشبهة في مقاله الصادر في "مجلة الأدبيات الشرقية"، ودفعها بما هو حق واضح، فقال: "القرآن يقول لأهل مكة: {أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ}، و (مرغليوث) يرى أن هذا حجة قوية على أن الشعر الجاهلي في عهد محمد - صلوات الله عليه - لم يكن موجوداً، أو على الأقل لم يكن مدونًا، وإلا، لأجابه الخصوم بقولهم: نعم، وأروه جملة دواوين. ولكن لا يريد القرآن بنفي الكتاب عن أهل مكة أيّ كتاب كان، وإنما يريد: نفي كتاب مثل القرآن في معانيه، أو على الأقل يكون قريباً منه".


(١) (ص ١١٥)، والشعر:
وإني كما قال مملي الكتا ... ب في الرق إذ خطبه الكاتب
يرى الشاهد الحاضر المطمئـ ... ـن الأمر ما لا يرى الغائب