{إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} بمعنى: إن كنتم من أهل العلم. والمعنى: وصومكم خير لكم، فصوموا إن كنتم من أهل العلم؛ لأن شأن أهل العلم المبادرةُ إلى الفعل متى عرفوا وجه الخير منه.
هذا بيان للأيام المعدودات المفروض على الناس صيامها، ومعنى إنزال القرآن في شهر رمضان: ابتداء نزوله فيه، فقد أنزل في ليلة القدر، وكانت وفتئذ في رمضان، وهي المشار إليها بقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (٣) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: ٣ - ٤]. وفي قوله:{أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} تنبيه لمزية في هذا الشهر اقتضت تخصيصه بأن يكون مظهراً لركن من أهم أركان الإسلام، وهو الصيام، تلك المزية هي: جعله مبدأ لإنزال الكتاب الذي استضاء الناس بما فيه من هدى وبينات من الهدى والفرقان. ومعنى كون القرآن هدى للناس: أنه يرشدهم إلى سبيل الحق، ويدعوهم إلى مراقي الفلاح في الدنيا، ومعارج السعادة في الأخرى.
وقوله:(بينات) وصف لآيات المقدَّرة في نظم الآية. {وَالْفُرْقَانِ}: ما يفرق بين الحق والباطل؛ أي: يفصل بينهما. والمعنى: أن القرآن أنزل هدى وآيات بينات؛ أي: واضحات، من جملة ما أنزل الله به كتبه، وبعث به أنبياءه من الهدى والفرقان.
{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}:
أمر بصيام شهر رمضان بعد أن وصف الشهر بكونه مطلع هداية القرآن؛