ومن أثر نظرهم في هذا الوجه من النقد: أنهم ينبهونك للشعراء الذين حمل عليهم شعر كثيرة كبشر بن أبي خازم، والأغلب العجلي، وعبيد، وعلقمة؛ وينكرون القصيدة تارة، وينكرون البيت منها، أو الأبيات تارة أخرى. وقد ينفون من شعر الشاعر كل ما يرويه راوٍ بعينه؛ كما أنكر صاحبُ "الأغاني الشعرَ الذي يورده ابن الكلبي لدريد بن الصمة، وقال: إن التوليد بيّن فيه (١).
وقد تختلف الروايات في نسبة الشعر إلى قائله، فيذهبون في ترجيح إحداها مذاهب تشهد بأنهم كانوا يعنون بهذه الحجة، ويصرفون إليها من مجهودهم قسطاً كبيراً.
وقد أشرنا فيما سلف إلى أن لهم في معرفة انتحال الشعر طريقتين: طريقة النقل؛ كقول الجاحظ في أبيات تنسب لأوس بن حجر: أخبرني أبو إسحاق: أنها لأسامة صاحب روح بن أبي همام، وهو الذي كان ولَّدها، وكما يقول ابن سلام في بيتين يرويهما الناس لأبي سفيان بن الحارث: أخبرني أهل العلم من أهل المدينة: أن قدامة بن عمر الجمحي قالها، ونحلها أبا سفيان.
ثانيتهما: طريقة العلم بحال الشاعر؛ كنسجه الذي يمتاز به عمن عداه، مثلما قال الأصمعي في شعر ينسب لامرئ القيس: امرؤ القيس لا يقول مثل هذا، وأحسبه للحطيئة. أو من جهة مخالفته لشيء عرف عنه في حياته؛ كما أنكر الأصمعي أن يكون بيت: