وسرد بعده ثمانية أبيات من القصيدة، وأثنى على هذه الأبيات من ناحية نسجها.
وقال:"وامض في قراءة القصيدة، فستظهر لك شخصية قوية ومذهب في الحياة واضح جلي: مذهب اللهو واللذة يعمد إليهما من لا يؤمن بشيء بعد الموت، ولا يطمع في الحياة إلا فيما تتيح له من نعيم بريء من الإثم والعار على ما كان يفهمها عليه هؤلاء الناس:
وما زال تشرابي الخمور ولذتي ... وبيعي وإنفاقي طريفي ومتلدي"
وتلا بعد هذا البيت ثمانية أبيات من القصيدة، ونفى عن هذه الأبيات أن تكون متكلفة، أو منتحلة، أو مستعارة، وأخذ يتحدث عنها في هيئة الطائر فرحاً من وقوعه عليها، وذكر أن فيها شخصية "ظاهرة البداوة، واضحة الإلحاد، بينّة الحزن واليأس، والميل إلى الإباحة في قصد واعتدال"، وانثنى يتحدث عن صاحب هذه الشخصية، ووصفه بالصدق في يأسه وحزنه وميله إلى هذه اللذات.
ثم قال:"وإنما الذي يعنيني: أن هذا الشعر صحيح، لا تكلّف فيه ولا انتحال، وأن هذا الشعر لا يشبه ما قدمنا في وصف الناقة، ولا يمكن أن يتصل به، وأن هذا الشعر من الشعر النادر الذي نعثر به من حين إلى حين في تضاعيف هذا الكلام الكثير الذي يضاف إلى الجاهليين، فنحس حين نقرؤه أنا نقرأ شعراً حقاً فيه قوة وحياة وروح".
أخذت المؤلف لوقوعه على هذا الشعر هزة ارتياح، فأطلق قلمه في وصفه وتقريظه، كأنه المثل الأعلى لما تجود به القرائح، ويبدع تنسيقه البيان.