وفصلت نصوص أخرى وأدلة وجوهَ أكل الأموال بالباطل؛ مثل: الغصب، والسرقة، والقمار، والربا، إلى ما هو مفصل في كتب الأحكام من المعاملات التي لا تختلف أنظار المجتهدين الراسخين في تحريمها.
{وَتُدْلُوا}: معطوف على: {وَلَا تَأْكُلُوا}، والإدلاء في الأصل: إرسال الدلو في البئر، ويستعمل في معنى الدفع والإلقاء. وعلى هذا المعنى يفهم قوله تعالى في الآية:{وَتُدْلُوا بِهَا}.
و {الْحُكَّامِ}: جمع حاكم، وهو الذي يفصل بين الخصمين.
والفريق: القطعة المعزولة من جملة الشيء. والإثم: الفعل الذي يستحق صاحبه الذم والعقاب. ومعنى الإدلاء بالأموال إلى الحكام: إلقاء أمرها، أي: حكومتها وخصومتها إلى القضاة؛ لتأخذوا من طريق الحكم قطعة من أموال غيركم -أعني: خصومكم- بما يوجب إثماً؛ كشهادة الزور، واليمين الفاجرة، أو تأخذوها متلبسين بالإثم في حال كونكم تعلمون أنكم على باطل. وإتيان الباطل مع العلم بأنه باطل أدعى إلى التوبيخ من إتيانه على جهالة به. وحُكْم الحاكم على ما يقتضيه الظاهر من أمر القضية لا يُحل في الواقع حراماً، ولا يُحرم حلالاً.
ومن المحتمل القريب أن يفهم من نظم الآية: تحريم إعطاء مال للحاكم على وجه الرشوة. والمعنى: ولا تدلوا بأموالكم -أي: بعضها- إلى الحكام؛ لتتوصلوا بأحكامكم الجائرة إلى أكل فريق من أموال الناس بغير حق.