للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذا البيت ينسب إلى ابن هانئ (١)، كما ترى، ونسبه المعري (٢) في "رسالة الغفران" (٣) إلى شاعر يدعى بابن القاضي، فقال: "حضر شاعر يعرف بابن القاضي بين يدي ابن أبي عامر (٤) صاحب الأندلس، فأنشده قصيدة أولها:

ما شئتَ لا ما شاءتِ الأقدارُ ... فاحكم فأنتَ الواحدُ القهّارُ

ويقول فيها أشياء، فأنكر عليه ابن أبي عامر، وأمر بجلده ونفيه".

فعلى رواية المعرّي خرج البيت على أن يكون خطاباً لخليفة كما يدّعي المؤلف. وعلى كلا الروايتين، لم يكن هذا الغلوّ في الوصف من أثر الاعتقاد بأن الخليفة -أو الأمير- يستمد سلطانه من سلطان الله، وإنما هو انحلال عقدة الإيمان بالله، ينضم إليه الإغراق في التملق وحب العاجلة، فينحدر الشاعر في مديحه طلق العنان، خالعاً على ممدوحه من ألقاب العظمة والقوة


(١) قال ابن العماد في "شذرات الذهب" (جزء ١، ورقة ٢٧٦ مخطوط دار الكتب المصرية): كان ابن هانئ كثير الانهماك في الملاذ متهماً بمذهب الفلاسفة، ولما اشتهر عنه ذلك، نقم عليه أهل إشبيلية، وساعت المقالة في حق الملك بسببه، واتهم بمذهبه أيضاً. وقال في "العبر": كان منغمساً في الملذات والمحرمات، متهماً بدين الفلاسفة.
(٢) أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي المعري (٣٦٣ - ٤٤٩ هـ = ٩٧٣ - ١٠٥٧ م)
شاعر فيلسوف، ولد ومات في معرة النعمان.
(٣) من أشهر كتب المعري (ص ١٥٤).
(٤) محمد بن عبد الله بن عامر (٣٢٦ - ٣٩٢ هـ = ٩٣٨ - ١٠٠٢ م) أمير الأندلس، والمعروف بالمنصور، أصله من الجزيرة الخضراء، ومات في مدينة سالم.