للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما يتخطى به إلى مقام الألوهية. وقد وقع مثلُ هذا من عضد الدولة (١) في قوله يصف نفسه:

مُبرزات الكأس من مطلعها ... ساقيات الراح مَن فاق البَشَرْ

عضدُ الدولة وابنُ ركنها ... ملكُ الأملاك غلّابُ القدر (٢)

فالحقُّ أن علة هذا النوع من الشعر، إنما هي تجرد النفس من طبيعة الحياء والأدب مع الخالق، ينضم إليه داعي الطمع أو الفخر أو التباهي بالحذق في صناعة البيان.

قال أبو بكر بن العربي (٣) في كتاب "الأحكام" (٤): إن الشعراء يتجاوزون في الاستغراق حد الصدق إلى الكذب، ويسترسلون في القول حتى يخرجهم إلى البدعة والمعصية، وربما وقعوا في الكفر من حيث لا يشعرون، ألا ترى إلى قول بعضهم:

ولو لم تلامس صفحةَ الأرض رجلُها ... لما كنت أدري علّة للتيمّم

وهذا كفر صراح نعوذ بالله منه.

وأما بيتا طريح، فأراد بهما المبالغة في مدح الوليد بالسطوة ونفاذ


(١) فناخسرو بن الحسن بن بويه الديلمي (٣٢٤ - ٣٧٢ هـ = ٩٢٦ - ٩٨٢ م) الملقب عضد الدولة. توفي ببغداد، ودفن بالنجف.
(٢) "معاهد التنصيص" (ص ٣٤٨).
(٣) محمد بن عبد الله بن محمد المعافري الإشبيلي المالكي (٤٦٨ - ٥٤٣ هـ = ١٠٧٦ - ١١٤٨ م) قاض وحافظ للحديث. ولد في إشبيلية، وتوفي قرب فاس.
(٤) (ج ٢ ص ١٢٠).