في هذه الآية، والمعنى: جعل السماء مبنية كالقبة المضروبة فوقكم، وفي هذا تنبيه لما يرونه عند النظر إلى السماء من بديع الكواكب السيارة والثابتة، ثم ينتقلون منها إلى ما يتصل بهذه الأجرام من منافع أنوارها، والاهتداء بها في ظلمات البر والبحر، وفوائد اختلاف الليل والنهار، ونحو ذلك. وهذا وجه إلحاقها بطريق الاستدلال بالعناية.
وقدَّم الأرض على السماء؛ لأنها أقرب إلى الإنسان من السماء، ولأن الإنسان بحال الأرض أعرف منه بحال السماء؛ لأن أول ما يحتاج إليه بعد الخلق المستقرُّ، وهو الأرض.
{وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً}:
يصح حمل السماء في الآية على معنى: السحاب؛ فقد قال علماء اللغة: كل ما علاك فهو سماء، فليست الآية منافية لما عرف من أن المطر يتولد من السحاب على الوجه المشار إليه بقوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ}[النور: ٤٣].
{الثَّمَرَاتِ}: جمع ثمرة، وهي ما يتطعم من أحمال الشجر والنجم، وهو ما لا ساق له من النبات، والباء في قوله:{بِهِ} للسببية. و {مِنَ} في قوله: {مِنَ الثَّمَرَاتِ} للتبعيض، والمعنى: فأخرج بالماء بعض الثمرات رزقاً لكم.
وقد أودع الله سبحانه في الماء خاصية كان بها سبباً لتغذية النبات ونموه، ومتى شاء -جل شأنه- نزَعْ هذه الخاصية من الماء، انتفت عنه سببية التغذية والتنمية.