أو إشفاقه؛ وهو ارتقابه الأمر المكروه، وكلا المعنيين مستحيل في حق علام الغيوب؛ فإن كلاً من الرجاء والإشفاق يكون عند تردد الشيء بين الوقوع وعدم الوقوع، إلا أن وقوعه هو الراجح في رأي المتكلم، ومن هنا قال بعض المفسرين: إن (لعل) في كلام الله تعالى لتحقيق ما يجيء بعدها، وهذا المعنى لا يجري في قوله تعالى:{فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}[طه: ٤٤]؛ فإن فرعون لم يتذكر، ولم يخش من دعوة موسى - عليه السلام - , والأقرب أن يقال: إن الترجي في الآية التي نحن بصدد تفسيرها مصروف إلى المخاطبين؛ كآية:{لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ}، والمعنى: اعبدوا ربكم راجين أن تكونوا أتقياء، والتقوى: بلوغ أقصى درجات العبادة.
{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا}:
الفراش في الأصل: مصدر فرش؛ أي: بسط، واستعمل هنا بمعنى اسم المفعول؛ أي: المفروش. والمعنى: بسط لكم الأرض، وذللها لكم حتى صارت صالحة للاستقرار عليها، والتقلب في مناكبها، والتصرف فيها بنحو الزراعة التي هي أصل المعاش. وهذا من قبيل الاستدلال بطريق العناية؛ فقد دل على أنه خلق الأرض على حال توافق مصلحة الإنسان، يشير إلى هذا قوله:{جَعَلَ لَكُمُ}.
وكون الأرض فراشاً؛ أي: مبسوطة، لا ينافي كونها على شكل كرة؛ لأن الكرة التي يعظم حجمها، تكون كل قطعة منها كالسطح، يتيسر الاستقرار عليه، والارتفاق به.
{وَالسَّمَاءَ بِنَاءً}:
البناء في الأصل: مصدر بنى، ويستعمل بمعنى: المبني؛ كما ورد