على منهج مطابق لمقاصد الشريعة، فالظاهر الجليّ أن مقالته إنما تفسر بمن يبايع على أن يحرس الدين، ويقيم مصالح الدنيا، ويراعي في أحكامه نصوص الشريعة وقواعدها العامة. أما الحكومة الاستبدادية أو البلشفية وما شاكلها، فما كان لأبي بكر الصديق أن يعدها فيما يقوم بدين الله. وسنبحث بعد هذا في شكل الحكومة الذي لا يخالف مقصد الشريعة من إقامة الخلافة.
قال المؤلف في (ص ٣٤): "ولعل الكتاب الكريم ينحو ذلك المذهب أحيانا".
يريد المؤلف: أن القرآن ينحو نحو ذلك الرأي، وهو أنه لا بد لكل أمة من نوع ما من أنواع الحكم، قال هذا بعد أن فصل أشكال الحكومة إلى دستورية واستبدادية، وجمهورية وبلشفية، وغير ذلك. وليس بالعجيب من المؤلف أن يزعم أن القرآن يذهب إلى إقامة حكومة ما، وسواء بعد ذلك أن تكون دستورية أو استبدادية، جمهورية أو بلشفية، وغيرها، فإنه سيجابهك في غير خجل بأن الخطط السياسية من خلافة وقضاء وغيرهما لا شأن للدين بها، وإنما تركها لنا لنرجع فيها إلى أحكام العقل، وتجارب الأمم.
فعلى فرض أن يكون زمام أمرنا في يد المؤلف ومن يشاكله في التفكير، ويقع اختيارهم على شكل الحكومة البلشفية، فإن القرآن -بمقتضى زعم المؤلف- يأذن لنا بأن نمد لهم رقابنا خاضعين، ونكون لحكومتهم البلشفية أو اللادينية من الخادمين!!
قال المؤلف في (ص ٣٥): "إن يكن الفقهاء أرادوا بالإمامة والخلافة ذلك الذي يريده علماء السياسة بالحكومة، كان صحيحاً ما يقولون من أن إقامة الشعائر الدينية، وصلاح الرعية، يتوقفان على الخلافة، بمعنى الحكومة،