للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الاحتساب على سيرة السلاطين كمنزلة وكلاء العامة في أوروبا" (١).

ولا يصح أن تكون الخلافة في هيئة تؤلف لأجل مسمّى، ثم تنفرط؛ فإن نصوص العلماء متضافرة على أن يكون الخليفة فرداً يستمر في رياسته ما دام حائزاً على رضا الأمة، بعيداً عن الاستبداد في الحكم.

قال الأستاذ الشيخ محمد عبده (٢) في كتاب: "الإسلام والنصرانية" (٣):

"فلا تكمل الحكمة من تشريع الأحكام إلا إذا وجدت قوة لإقامة الحدود، وتنفيذ حكم القاضي بالحق، وصون نظام الجماعة. وتلك القوة لا يجوز أن تكون فوضى في عدد كثير، فلا بد أن تكون في واحد، وهو السلطان أو الخليفة".

ومن أدلة وضع الخلافة في فرد: أن الأحاديث الصحيحة تسمّي صاحب هذه الرياسة: إماماً، وخليفة، وأميراً، وهذه الألفاظ لا يستقيم حملها على جماعة إلا أن تذهب في فهمها على غير الطريق المعروف من لسان العرب، وأوضح من هذا دلالة حديث: (٤) "من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم، فاقتلوه".

وقد يبلغ العدل والحرية أشدهما لعهد الحكومة التي يرأسها فرد ثابت إذا لم تكن بيدها السلطة التشريعية، وتكون مقيدة في تنفيذها بنظام الشورى،


(١) مقدمة "أقوم المسالك" للوزير خير الدين (ص ٣٤) طبع الإسكندرية، ١٢٩٩ هـ.
(٢) محمد عبده بن حسن خير الله (١٢٦٦ - ١٣٢٣ هـ = ١٨٤٩ - ١٩٠٥ م) مفتي مصر. ولد في "شنرا" من قرى الغربية، ودفن القاهرة.
(٣) (ص ٦٩).
(٤) "صحيح مسلم" (ج ٦ ص ٢٣).