أحدهما: يختص بالوزير، وهو مطالعة الإمام بما أمضاه من تدبير، وأنفذه من ولاية وتقليد.
والثاني: يختص بالإمام، وهو أن يتصفح أفعال الوزير، وتدبيره الأمور؛ ليقر منها ما وافق الصواب، ويستدرك ما خالفه" (١).
ولأهل الحل والعقد أن يطالبوا الخليفة بهذه الاستنابة، متى رأوا المصلحة قاضية بها. ولا فرق بين أن يكون المستناب واحداً، أو متعدداً.
فشكل بعض الحكومات القائمة على خليفة ووزراء ومجلس نيابي يجري انتخابه تحت ظلال الحرية التامة، لا يخالف الشكل الملائم للخلافة الحقيقية بحال، وقد كان السلطان سليمان ابن السلطان سليم في أوائل المئة العاشرة، رتّب قانوناً "استعان فيه بالعلماء العاملين وعقلاء رجال دولته، وجعل مداره على إناطة تدبير الملك بعهدة العلماء والوزراء، وتمكينهم من تعقب الأمراء والسلاطين إن حادوا، وذلك أن ملك الإسلام مؤسس على الشرع الذي من أصوله وجوب المشورة وتغيير المنكر، والعلماء أعرف بالنيابة ومقتضيات الأحوال، فإذا اطّلع العلماء والوزراء على شيء يخالف الشريعة والقانون الخادم لها، فعلوا ما تقتضيه الديانة من تغيير المنكر بالقول أولاً، فإن أفاد، حصل المقصود، وإلا، أخبروا أعيان الجند بأنّ وعظهم لم ينفع، وبيّن في القانون المذكور ما يؤول إليه الأمر إذا صمم السلطان على أن ينفذ مراده، وإن خالف المصلحة، وهو أن يُخلع، ويُولّى غيره من البيت الملكي، وأخذ على ذلك العهود والمواثيق من العلماء ووزراء الدولة بمقتضى هذا القانون