للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من عدل، وحرية، ومساواة، ثم ليتحدث معنا بضمير لا يحابي الشهوات، وكلمة لا تبخس رجال الإسلام حقهم، فلا جرم أن يعود وقتئذٍ عن حكمه القاسي على الخلافة، ويمحوه بالماء الذي يتقطر من جبينه خجلاً.

يقول المؤلف: كانت الخلافة ولم تزل نكبة، وينبوع شر وفساد، وجعل يلتقط من أيام خمول بعض الخلفاء، أو سوء سيرتهم ما يضعه سنداً لهذه المقالة المطلقة، اختار أن يكون كاتب سيئات الخلافة؛ ليقضي حاجة في نفسه، ولكن بعض من لا ينتمي إلى الإسلام من علماء الغرب، كانوا يكتبون حسناتها بقلم منصف خبير.

ومن كلماتهم الحافظة لشيء من محاسن الخلافة: قول (أدُلف فريدريك فون شاك) في كتاب: "الشعر والفنون الجميلة عند العرب في إسبانيا وصقلية": بينما أوروبا كادت تكون خالية من المدارس، إذ لم يكن يعرف القراءة والكتابة فيها إلا الكهنة، كان العلم منتشراً في الأندلس انتشاراً عاماً، غير أن الحَكَم (١) -الخليفة الأموي- رأى أن الحاجة داعية إلى نشر العلم بطريق أوسع، فأنشأ في عاصمة ملكه سبعاً وعشرين مدرسة لتعليم أبناء الفقراء مجاناً، ولقد كانت سيول الشبان تنهمر على مجامع العلوم: قرطبة، وإشبيلية، وطليطلة، ويلنسية، والمرية، ومالقة؛ حيث يتلقون العلوم، ويتسابقون في مضمارها، وكان العلماء والمتعلمون من جميع أنحاء العالم الإسلامي يتقاطرون على هذه المدارس التي ذاعت شهرتها حتى في بلاد آسية".


(١) الحكم بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله (٣٠٢ - ٣٦٦ هـ = ٩١٤ - ٩٧٦ م) خليفة أموي أندلسي، ولد في قرطبة، وتوفي بها. قيل؛ إن مكتبته بلغت أربع مئة ألف مجلد.