للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أشكل عليه شيء، سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن أشكل على رسول الله، سأل جبريل، وإني لا أجد من أسأله".

فالخبر صريح في أن عمر بن الخطاب كان يتصدى للقضاء في زمن النبوة، ولا يحق بعد قوله: "فإن أشكل عليه شيء، سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أن يذهب إلى أن تولّي عمر للقضاء كان مفهوماً بطريق الاستنتاج. ثم لا ندري ما وجه الغرابة في تولي عمر بن الخطاب القضاء لعهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ ليس في يد المؤلف دليل تاريخي أو نظري يمنع من قبول ما رواه الترمذي في "سننه"، وقد تلقى أهل العلم هذا الخبر بالقبول، قال القاضي أَبو بكر ابن العربي في "عارضة (١) الأحوذي": "قول عثمان لعبد الله بن عمر: إن أباك كان قاضياً، يعني: لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا يدل على أن ذلك كان في حياته؛ ولو أراد بذلك الخلافة، لقال له: إن أبي كان خليفة ليس فوقه متعقب عليه، فكيف يحتج به في قضاء متعقب مترقب؟ ".

وليس في التاريخ ما يقف في سبيل هذه الرواية، بل رأينا فيه ما يشد في عضدها، وهو أن عمر بن الخطاب كان يفتي في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، روى ابن سعد في "طبقاته" (٢) عن ابن عمر: "أنه سئل: من كان يفتي الناس في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: أبو بكر، وعمر، وما أعلم غيرهما".

وروي عن القاسم بن محمد (٣) أنه قال: "كان أَبو بكر، وعمر، وعثمان،


(١) في خزانتنا نسخة مخطوطة منه.
(٢) (ج ٢ ص ٩٩).
(٣) القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق (٣٧ - ١٠٧ هـ = ٦٧٥ - ٧٢٥ م) أحد الفقهاء السبعة في المدينة المنورة، ولد فيها، وتوفي بقديد بين مكة والمدينة.