وإذا رمت تحرير الغاية التي بعث لها علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، فإليك التحرير:
اتفق المحدثون والمؤرخون على: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث علي بن أبي طالب إلى اليمن مكان خالد بن الوليد.
ففي "صحيح الإمام البخاري" عن البراء بن عازب (١): "بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع خالد بن الوليد إلى اليمن، قال: ثم بعث علياً بعد ذلك مكانه. فقال: مر أصحاب خالد من شاء منهم أن يعقب معك، فليعقب، ومن شاء، فليقبل. فكنت فيمن عقب معه".
وفي "تاريخ ابن جرير الطبري"، عن البراء بن عازب:"فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب، وأمره أن يقفل خالد ومن معه، فإن أراد أحد ممن كان مع خالد بن الوليد أن يعقب معه، تركه".
وإذا كان علي بن أبي طالب بُعث ليقوم مقام خالد بن الوليد، فقد بُعث أميراً، والإمارة لعهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تتناول القضاء ونحوه، ولكن بعض الرواة يقول: إنه أرسل مكان خالد، وبعضهم يقتصر في الرواية على الأمر الذي يناسب غرض الحديث، فهذا يقول: بُعث قاضياً؛ ليناسب خبر:"وأنا حديث السنّ، ولا علم لي بالقضاء ... إلخ".
والآخر يقول بُعث ليقبض الخمس؛ ليناسب ما يذكره بعد ذلك من إنكاره عليه بعض تصرفاته في الخمس، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -! للمنكر: "لا تبغضه؛
(١) البراء بن عازب بن الحارث الخزرجي (... - ٧١ هـ = ... - ٦٩٠ م) من الصحابة الأجلاء القادة، سكن الكوفة، وتوفي زمن مصعب بن الزبير، روى له الإمامان البخاري ومسلم ٣٠٥ أحاديث.