للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هؤلاء وهؤلاء في أعمالهم".

فرواية أن معاذاً كان قاضياً باليمن من الروايات التي مُحصت، ووضعها المحدثون موضع القبول، وليس في الروايات الأخرى ما ينافيها حتى نحتاج إلى عرضها على ميزان الترجيح، فضلاً عن أن نعاملها معاملة الأحاديث الموضوعة، ونضرب عنها جملة؛ كما فعل المؤلف؛ حرصاً على أن ينتهي به النظر "إلى غاية ذلك المجال المشتبه الحائر".

وما نقله عن صاحب "السيرة النبوية" من الخلاف بين ابن عبد البر، والغساني؛ من أن معاذاً كان والياً أو قاضياً، لا يمس الرواية بوهن، ولنا عليه ملاحظة من وجوه:

أولاً: يظهر أن صاحب "السيرة" نقل هذا الخلاف من "فتح الباري" لابن حجر العسقلاني، ونص عبارة "الفتح": "واختلف هل كان معاذ والياً، أو قاضياً، فجزم ابن عبد البر بالثاني، والغساني بالأول". والدليل على أن صاحب "السيرة" استمد الخلاف من كلام ابن حجر: أن لفظ "الغساني" إنما جاء في نسخ "فتح الباري". ونقل القسطلاني في "شرحه لصحيح البخاري" هذا الخلاف عن ابن حجر، وذكر المقابل لابن عبد البر باسم: "العسكري"، وكذلك ذكر الخلاف الإمام العيني (١) في "شرحه للبخاري وذكر المخالف لابن عبد البر باسم: "العسكري".

والمعروف بالتأليف في تراجم الصحابة هو العسكري، وهو "أبو محمد ابن عبد الله بن أحمد بن موسى العسكري المعروف بعبدان"، وقد ذكره ابن


(١) محمود بن أحمد، بدر الدين العيني (٧٦٢ - ٨٥٥ هـ = ١٣٦١ - ١٤٥١ م) محدث ومؤرخ، ولد في عينتاب، وتوفي بالقاهرة. له تصانيف عديدة.