قاضياً في رأي، وغازياً في رأي، ومعلماً في رأي، ونقل "صاحب السيرة النبوية" خلافاً في أن معاذاً كان والياً وقاضياً، فقال ابن عبد البر (١): إنه كان قاضياً، وقال الغساني: إنه كان أميراً على المال. وحديث ابن ميمون التصريح بأنه كان أميراً على الصلاة، وهذا يرجح أنه كان والياً".
الرواية قائمة على أن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن والياً وقاضياً، ومعلماً للقرآن وشرائع الإسلام، وقابضاً للصدقات من العمال، قال ابن عبد البر في كتاب "الاستيعاب": "بعثه -يعني: معاذاً- رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاضياً إلى الجند من اليمن، يعلّم الناس القرآن وشعائر الإسلام، ويقضي بينهم، وجعل إليه قبض الصدقات من العمال الذين باليمن، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قسم اليمن على خمسة رجال: خالد بن سعيد على صنعاء، ومعاذ بن جبل على الجند، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ بن جبل حين وجهه إلى اليمن:"بم تقضي ... إلخ".
فمعاذ كان والياً وقاضياً ومعلماً، وقابضاً للصدقات، ومن المحدّثين من ذكر له أعمالاً متعددة؛ كالحافظ ابن عبد البر، ومنهم من يتعرض لوظيفة القضاء؛ كالإمام أحمد بن حنبل، وأبي داود، والترمذي، وغيرهم، ومنهم من يذكر وظيفة الإمارة؛ كالإمام البخاري، ومنهم من يعرف له وظيفة التعليم، ويصرح بأنه كان يقوم بهذه الوظيفة في أعمال كثيرة؛ كقول ابن خلدون في "تاريخ": "وكان معاذ بن جبل يعلّم القرآن باليمن، ينتقل على
(١) يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر القرطبي المالكي (٣٦٨ - ٤٦٣ هـ = ٩٧٨ - ١٠٧١ م) حافظ للحديث، ومؤرخ وأديب. ولد بقرطبة، وتوفي بشاطبة. له تصانيف عديدة.