للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يسمع من الخصمين، في حديث: "لا تقض بين الخصمين حتى تسمع من الآخر" (١). ومن الفقهاء من حمل الحديث على إطلاقه، ومنهم من حمله على حالة إمكان حضور الخصمين، وأجاز الحكم على من كان في غيبة بعيدة.

وتجد: الدليل على اكتفاء الحاكم بترجمة واحد أمين، في حديث زيد بن ثابت إذ أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتعلم كتاب اليهود، قال: "حتى كتبت للنبي - صلى الله عليه وسلم - كتبه، وأقرأته كتبهم إذا كتبوا إليه" (٢).

وتجد: الحبس للتهمة وارداً فيما "رواه أَبو داود، وأحمد، وغيرهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حَبس في تهمة"، فمن "أطلق كل متهم ... وقال: لا آخذه إلا بشاهدي عدل، فقوله مخالف للسياسة الشرعية" (٣).

وتجد: الإرشاد إلى ما ينبغي للحاكم من بيان موجبات الحكم -حيثياته-؛ ليطمئن نفس المحكوم عليه، ويسلّم تسليماً، تجده في سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فإن قضاءه في نفسه حجة، ومع هذا كان يذكر علل بعض الأحكام القضائية؛ لطرد الشبهة، وإزاحة الحرج من قلب المقضي عليه؛ كحكمه على من عضَّ يد آخر بإهدار ثنيته لما سقطت بانتزاغ المعضوض يدَه من فيه، وقال للمحكوم عليه: "أيدع يده في فيك تقضمها كما يقضمها الفحل" (٤).

وتجد في حديث: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه، فهو رد" ما يرشد إلى أن الحكم الذي يظهر على خلاف الأصول القاطعة يتحتم نقضه، ثم


(١) رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، "فتح الباري" (ج ٨ ص ٤٨).
(٢) "صحيح البخاري" (ج ٩ ص ٧٦).
(٣) "الطرق الحكمية" (ص ١٤).
(٤) "صحيح البخاري" (ج ٩ ص ٨).