للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العمل الصالح من بيان الحق والبشارة والنذارة، أما نفس إيمان المدعوين، أوطاعتهم، فغير داخل في واجبات رسالته.

وقوله تعالى: {وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ}: قرئ (تسأل) بصيغة المبني للمجهول، وحرف (لا) للنفي، والمعنى: أنك لست مسؤولاً عمن بلغتهم الرسالة، وأقمت عليهم الحجة إذا لم يؤمنوا، وقرئ بصيغة المبني للفاعل، وحرف (لا) للنهي، وفي الآيات على هذه القراءة تهويل لعقوبة الكافرين، والنهي عن السؤال عن شخص أو أشخاص، أسلوب معروف في كلام العرب يشيرون به إلى أن حال المنهي عن السؤال عنه بالغة في الفظاعة حيث لا يستطيع السامع أن يسمع حديثها، أو لا يستطيع المخبر أن يجريه على لسانه.

و {الْجَحِيمِ}: النار إذا شب وقودها، وقال: {أَصْحَابِ الْجَحِيمِ}، ولم يقل: الكافرين؛ ليدل على جزاء كفرهم، وهو عذاب الجحيم يتقلبون فيه المرة بعد المرة على ما يقتضيه معنى الصحبة.

{وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}:

كان - صلى الله عليه وسلم - يلاطف طوائف من اليهود والنصارى؛ حرصاً على دخولهم في الإسلام، فأخبره الله، وهو علام الغيوب: أنهم مصرون على كفرهم، ولا يرجى منهم الرضا عنه في حال، وجاء الإخبار عن إصرارهم في أقوى وجه من وجوه المبالغة؛ إذ سد كل طريق من طرق رضاهم عن النبىِ - صلى الله عليه وسلم -، إلا طريقاً واحداً هو اتباعه لملتهم، وهذا الطريق نفسه يستحيل من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يأتيهم منه، فالآية أفادت أنهم مصرون على الكفر إصراراً لا يرجى لهم الرجوع عنه، حتى لا يجهد النبي - صلوات الله عليه - نفسه في دعوتهم، أو