دعاهما إلى الإيمان به، والدخول تحت سلطانه، وقد شاء ربك أن يكون انقراض دولتهما، ودخولُ مملكتهما تحت راية الإسلام على يد أحد خلفائه الراشدين.
لم يرض محمد بن عبد الله - عليه السلام - أن يقيم تحت سلطان غير سلطان الله، ولم يرض لمعتنقي دينه الحنيف أن يستكينوا لسلطة غير إسلامية، وفرضُ الهجرة والجهاد على ما نقول شهيد. وما ينبغي للمؤلف أن يحشر في غضون كتابه مثل هذه الكلمة التي تقضي حاجة في نفس المخالف المتغلب، وتبقي في النفوس أثر الاستكانة إلى أي يد تقبض على زمامها.
ولقد قلنا فيما سلف: إن هذه المقالة التي يعزوها إلى المسيح - عليه السلام - لا تجد في المناظرة أذناً صاغية؛ إذ لم نعلم السند الذي ينتهي بها إلى المسيح - عليه السلام -، علاوة على أن الإسلام شرع الهجرة والجهاد، وأبى لأتباعه إلا أن يلوذوا بالمنعة والعزّة التي ليس بعدها مرتقى.
قال المؤلف في (ص ٥٠): "فهل كان محمد - صلى الله عليه وسلم - ممن جمع الله له بين الرسالة والملك، أم كان رسولاً غير ملك؟ لا نعرف لأحد من العلماء رأياً صريحاً في ذلك البحث، ولا نجد من تعرض للكلام فيه بحسب ما أتيح لنا، ولكنا قد نستطيع بطريق الاستنتاج أن نقول: إن المسلم العامي يجنح غالباً إلى اعتقاد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ملكاً رسولاً، وأنه أسس بالإسلام دولة سياسة مدنية كان هو ملكها وسيدها".
إن كانت لكتاب المؤلف مزية، فهي أنه يعلّم الناس كيف يتنكرون لما عرفوا، وكيف يتخذون من الصفاقة برقعاً كثيفاً، رأى أهلَ العلم يتحامون