للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك كان التنفيذ للأحكام الشرعية داخلاً في وظيفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وملقى عليه عبئه الثقيل من طريق الوحي، فيصح أن يكون مميزاً من مميزات رسالته، وإن لم يكن جزءاً من المعنى الذي يحدون به الحقيقة العامة للرسالة.

بعد أن حكى المؤلف ما كتبه ابن خلدون في الفصل الذي تكلم فيه عن اسم البابا، والبطرك، والكوهن.

قال في (ص ٥٧): "فهو -كما ترى- يقول: إن الإسلام شرع تبليغي وتطبيقي، وإن السلطة الدينية اجتمعت فيه والسلطة السياسية، دون سائر الأديان". ثم قال: "لا نرى لذلك القول دعامة، ولا نجد له سنداً، وهو على ذلك ينافي معنى الرسالة، ولا يتلاءم مع ما تقضي به طبيعة الدعوة الدينية كما عرفت".

ادّعى المؤلف أنه لا يرى للقول بأن الإسلام شرع تبليغي وتطبيقي دعامة، ولا يجد له سنداً، وعزّز هذه الدعوى بكلمة لا يحتمل تبعتها المنطقية، إلا من شعر بأنه في بيئة تلذّ صرير الأقلام المحاربة لدين الحق، وأن دمرت منطق أرسطو، وطمست معالم الحكمة، وهي زعمه: أن ذلك القول ينافي معنى الرسالة، ولا يلتئم مع ما تقتضيه طبيعة الدعوة الدينية.

يقول المؤلف: لا نرى لذلك القول دعامة، وهذه كتب السنّة مملوءة بالأحاديث الصريحة في أنه - عليه الصلاة والسلام - كان يأمر بالقاتل فيقتص منه، وبالسارق فتقطع يده، وبالزاني فيجلد أو يرجم، وبشارب الخمر فيضرب بالجريد أو النعال، وفي"صحيح البخاري": أنه قام - عليه السلام - فخطب، فقال: "يا أيها الناس! إنما ضلّ من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف، تركوه، وإذا سرق الضعيف، أقاموا عليه الحد، وايم الله! لو أن