للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو نقص، أو ما شئت فسمّه، في بناء الحكومة أيام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكيف كان ذلك؟ وما سرّه؟ ".

ألقى المؤلف هذا الشبه، وهو يحسبها قذائف تهدم حصون الدولة الإسلامية، ولا إخالها تنشب بذهن مسلم وقف على شيء من حكمة التشريع، ووزن أقدار الصحابة - رضي الله عنهم - كل بالقسطاس المستقيم، وإن شئت جواباً قريب المأخذ، وجيزَ القول، فإليك الجواب:

عنيت الشريعة -في الأكثر- بتفصيل ما لا تختلف فيه مصالح الأمم، ولا يتغير حكمه بتغير الزمان والمكان، وذلك ما يرجع إلى العقائد والأخلاق ورسوم العبادات، ثم جاءت إلى قسم المعاملات والسياسات، فأتت على شيء قليل من تفاصيله، وطوت سائره في أصول عامة لحكم ثلاث:

إحداها: أن أحكام هذا القسم تختلف بحسب ما يقتضيه حال الزمان وتطور الشعوب، فإذا وقعت الواقعة، أو عرضت الحاجة، نظر العالم في منشئها، وما يترتب عليها من أثر، واستنبط لها حكماً بقدر ما تسعه مقاصد الشريعة ومبادئها العليا.

ثانيتها: أن وقائع المعاملات والسياسات تتجدد في كل حين، والنص على كل جزئية غير متيسر، علاوة على أن تدوينها يستدير أسفاراً لا فائدة للناس في كلفة حملها.

ثالثتها: أن الشريعة لا تريد أسر العقول وحرمانها من التمتع بلذة النظر والتسابق في مجال الاجتهاد.

فإذا كانت الأحكام والنظم تُفصل على ما يقتضيه حال الشعوب، وكانت وقائع المعاملات والسياسات لا تنقضي، وكان شارع الإسلام يراعي حق