للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القصر، ولا شك أن من اطلع على هذا الباب يعلم أن القصر ينقسم إلى:

قصر حقيقي، وهو تخصيص شيء بشيء بحسب الحقيقة، وفي نفس الأمر؛ بحيث لا يتجاوزه إلى غيره أصلاً.

وقصر إضافي، وهو تخصيص شيء بشيء بحسب الإضافة إلى شيء لآخر؛ بأن لا يتجاوزه إلى ذلك الشيء، وإن أمكن أن يتجاوزه إلى شيء آخر.

ويعلم بعد هذا: أن القصر الإضافي ينقسم إلى:

قصر إفراد، والمخاطب به من يعتقد شركة صفتين في موصوف واحد، أو موصوفين في صفة.

وقصر قلب، والمخاطب به من يعتقد عكس الحكم الذي يتصدى المتكلم لإثباته.

وقصر تعيين، والمخاطب به من يتساوى في نظره أمران، فيقصر له المتكلم الحكم على أحدهما.

هذه المباحث من بديهيات علم البلاغة، ومن مبادئه الملقاة على قارعة الطريق؛ بحيث لا يمتاز بمعرفتها الذكي عن الغبي، ولا قارئ الكتب المبسوطة عن قارئ المختصرات.

ومن عرف أن من فنون القصر ما يسمّى: قصراً إضافياً، عرف بوجه إجمالي أن الآيات التي ساقها المؤلف إنما هي من هذا القبيل، ولا يصح حملها على القصر الذي يراد به نفي كل صفة ما عدا الإنذار حتى يدخل في هذه الصفات المنفية القضاء الفصل والتنفيذ.

ولنضرب لك مثلاً تشهد به أن هذه الآيات منسوجة على منوال من البلاغة بديع، وأنها بريئة من نفي صفة التنفيذ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما يزعم مؤلف