للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلو أهملت آثار سرّاق أرضنا ... لكان فساداً للخراب يؤول

وفي الأخذ بالآثار إصلاح أمرنا ... وفي الترك عن قصد السبيل عدول

وما الأثر إلا كالخطوط شهادة ... كذا قال قومٌ في القياس عدول

فعرفانك الخطَّ الذي غاب ربُّه ... لعرفان إثر المستراب عديل

وفي ولدي عفراء لما تنازعا ... جهاز أبي جهل وهو جديل

بأثر دم في السيف كان نبينا ... قضى أنه للسيدين قتيل

وكان السلف يكرهون السؤال عن النوازل قبل وقوعها حسبما نقله الحافظ ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (١)، ولعلهم كرهوا ذلك حذراً من أن يفرضوا لصورة النازلة حكماً، فتبرز للخارج، فيتصل فيها بعض أحوال لو شاهدها المفتي، لغيّر حكمه، وفصله على ما تقتضيه طبيعة النازلة محفوفة بتلك الأحوال.

قال المؤلف في (ص ٧٨): "ذلك من الأغراض التي أنكر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكون له فيها حكم أو تدبير، فقال - عليه السلام -: "أنتم أعلم بأمور دنياكم".

كيف ينكر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكون له في سياسة الأمة حكم أو تدبير، ونحن إذا قلبنا نظرنا في سيرته، نجده كان يحكم فيما شجر بين الناس، ويقيم الحدود والزواجر على من يجني على نفس أو مال، أو عرض أو عقل، ويجمع المال من حيث أمره الله، وينفقه في وجوه المصالح، وإسعاد ذوي الحاجة، ويتولى عقد التحالف والمعاهدات والصلح وإعلان الحرب، ويدبر أمرها، ويرسم لها الخطط مع المشاورة في هذا السبيل والأخذ بأرجح الآراء.


(١) "مختصر جامع بيان العلم وفضله" (ص ١٧٨).