يتولى هذه الأمور بنفسه، وقد يندب للقيام بها من فيه الكفاية والخبرة، وهل بعد هذا التصرف الثابت كتاباً وسنة متواترة يخرج كتاب "الإسلام وأصول الحكم" في واد حافل بعلماء الشريعة، ويصيح بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنكر أن يكون له في شؤون الأمة حكم أو تدبير؟!.
وأما حديث:"أنتم أعلم بأمور دنياكم"، فإنه وارد في واقعة تأبير النخل، فيحمل على هذا المعنى، وما شاكله من فنون الزراعة والصناع وغيرها من وسائل العمران المادية.
قال المؤلف في (ص ٧٨): "ذلك من أغراض الدنيا، والدنيا من أولها لآخرها، وجميع ما فيها من أغراض وغايات، أهونُ عند الله تعالى من أن يقيم على تدبيرها غير ما ركب فينا من عقول، وحبانا من عواطف وشهوات، وعلّمنا من أسماء ومسميات، هي أهون عند الله تعالى من أن يبعث لها رسولاً، وأهون عند رسل الله تعالى من أن يشغلوا بها، وينصبوا لتدابيرها".
ننظر في الكتاب العزيز، فنجده طافحاً بما يدل على أن إرشاده لا يقتصر على العقائد والعبادات، فنجد فيه نصوصاً في بيان ما يحلّ أكله أو شربه، وما لا يحل فيه ذلك، قال تعالى:{قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ}[الأنعام: ١٤٥]، وقال تعالى:{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[المائدة: ٩٠].
ونجد نصوصاً في بيان من يحل نكاحهن، ومن لا يحل، ونصوصاً تحرم مباشرة الزوجة في بعض الأحوال؛ كما قال تعالى:{فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: ٢٢٢}