للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تطعن في وجه ما يزعمه المؤلف من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعين قاضياً، وتدل على أن أمراء النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا يتصرفون في شؤون تلك الأمم على مقتضى الكتاب والسنة. وإن كان المؤلف في ريب مما يقوله حملة الشريعة وحفاظها، فهذا جرجي زيدان يقول في "تاريخ التمدن الإسلامي" (١): "لما ظهر الإسلام، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - رئيس المسلمين في أمور الدنيا، وهو حاكمهم، وقاضيهم، وصاحب شريعتهم، وإمامهم، وقائدهم. وكان إذا ولى أحد أصحابه بعض الأطراف، خوله السلطتين: السياسية، والدينية، وأوصاه أن يحكم بالعدل، وأن يعلِّم الناس القرآن".

وأما ما كان بين تلك الأمم بعضها مع بعض، أو ما كان بينها وبين غيرها من صلات اجتماعية أو اقتصادية، فمتى كان فيها ما لا يتفق مع المصلحة، أو ما يمس قاعدة من قواعد الدين الحنيف، فلا بد للحاكم المسلم من أن يغيره، ويجريه على ما يلائم القانون العادل، والأدب الجميل، والحجة على المؤلف في هذا قول جرجي زيدان: "وخوله السلطتين: السياسية، والدينية، وأوصاه أن يحكم بالعدل، وأن يعلم الناس القرآن".

يقول المؤلف: "ولا سمعنا أنه عزل والياً".

هذه كلمة لا فائدة لها سوى أنها تكثر سواد مزاعمه، فإن مدة بعث الأمراء في عهد النبوة لا تتجاوز ثلاث سنين، وهي مدة قصيرة قد يسير فيها الولاة على طريقة مثلى، فلا يقعون في زلة تستوجب عزلهم، فإن كان العزل عند المؤلف من أعلام الدولة، فقد ورد في الصحيح: أنه - عليه السلام - عزل


(١) (ج ٤ ص ١٧٩).