ثم هو ينفي أن يكون المكلَّفُ بتنفيذها ملوك العرب: أبا بكر، وعمر، وخلفاءهم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - "ما تعرض لشيء من أمر الحكومة بعده، ولا جاء للمسلمين فيها بشرع يرجعون إليه". وحكومات أولئك الملوك "نوع من الزعامة جديد، ليس متصلاً بالرسالة، ولا قائماً على الدين، هو إذن نوع لا ديني".
ولعله يجيب: بأن الخطاب بها مصروف إلى الأمة، وأنها تتولى دون أولئك الملوك إقامة هذه الحدود على أولئك الجناة، وهي فوضى لا يرضى عنها المستر "أرنولد"، ولا الفيلسوف "لك".
ولم يبق للمؤلف مخلَص سوى أن يقول: إن هذه الآيات نزل بها الأمين على أكمل الخليقة؛ ليتهجد بها الناس، وليرتلوها ترتيلاً! ..
استهتر المؤلف بمبدأ اللادينية، ولم يقنع بأن يجاهد لإعلاء كلمته في الحاضر والمستقبل، حتى صعد نظره إلى الحكومة النبوية، وحكومة الخلفاء الراشدين، فرمى الأولى بما رمى، وحاول أن ينزع عن الثانية لباس التقوى، والله يشهد أن أولئك القوم بآياته يوقنون.
كانت حكومة أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - حكومة إسلامية، تحكم بما أنزل الله، وتسير في سياستها على السبيل التي رسمتها حكمته البالغة، والأدلة على ذلك كثيرة، ولنكتف منها بالكتاب العزيز، والتاريخ الصحيح.