للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الله تعالى: {فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا} [التوبة: ٨٣]، فأخبرهم أنهم لا يخرجون معه أبداً، ولا يقاتلون معه عدواً (١) ".

فانظر كيف أوجب الله طاعتهم، ومن لم يحكم بما أنزل الله، فهو ظالم، أو كافر، والله لا ينزل قرآناً في إطاعة الظالمين أو الكافرين.

وأما التاريخ الصحيح، فهذه سيرة الخلفاء الراشدين محفوظة في الكتب الموثوق بروايتها، فلا تراها إلا شاهدة بأن الخليفة كان يحكم بالكتاب والسنّة، ولا يرجع إلى اجتهاد رأيه إلا إذا أعوزه الدليل منهما، في "صحيح البخاري": "كانت الأئمة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - يستشيرون الأمناء في الأمور المباحة؛ ليأخذوا بأسهلها، فإذا وضح الكتاب والسنّة، لم يتعدوه إلى غيره؛ اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -".

وقال أبو عبيد في كتاب "القضاء": "كان أبو بكر الصديق إذا ورد عليه حكم، نظر في كتاب الله تعالى، فإن وجد فيه ما يقضي به، قضى به، وإن لم يجد في كتاب الله، نظر في سنّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن وجد فيها ما يقضي به، قضى به، فإن أعياه ذلك، سأل الناس: هل علمتم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى فيه بقضاء؟ فربما قام إليه القوم فيقولون: قضى فيه بكذا وكذا، فإن لم يجد سنّة سنّها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، جمع رؤساء الناس، فاستشارهم، فإذا اجتمع رأيهم على شيء، قضى به، وكان عمر يفعل ذلك (٢) "!

وتجد هذه السنّة في وصية عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلى شريح حين ولاه


(١) "أحكام القرآن" للجصاص (ج ٢ ص ٤٤٥).
(٢) "إعلام الموقعين" (ج ١ ص ٧٥).