به إيماناً صحيحاً، والمتبعون له بعد الإسلام هم المسلمون؛ لأنهم اتبعوه في أصول الدين، واتبعوا النبي الذي بشر به، ودعا إلى الاقتداء به.
ولا شك أن المؤمنين بعيسى - عليه السلام - إيماناً صادقاً يعلون الكافرين بالحجة والقلب عند المجادلة في الحق، ويعلونهم بالسلطان متى أخذوا بوسائل القوة كما يقتضيه معنى الاتباع، فلو أن قوماً يصدقون برسالة عيسى - عليه السلام -، ولكنهم اتبعوا الشهوات، ولم يعدوا للكافرين به ما استطاعوا من قوة، لما تناولهم هذا الوعد الصادق، ولما كان علو الكافرين عليهم بالسلطان -لو وقع- موضع اشتباه، ومثار استشكال في تحقق ما وعدت به الآية.
ثم وجه الخطاب إلى عيسى - عليه السلام - ومن اتبعوه، ومن كفروا به، فقال:{ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ}؛ أي: مصيركم {فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} من أمور الدين، وإذا رفع المهتدين إلى جنات النعيم، وأحاط الغاوين بعذاب مهين، فقد حكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون.