للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (١)

{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: ١٥٩].

وردت الآيات السابقة لهذه الآية في حال من انهزموا يوم التقى المؤمنون والمشركون في يوم أحد، وتضمنت تلك الآيات الكريمة استحقاقهم للملامة والتعنيف؛ حيث تولوا منهزمين، وتركوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تجاه العدو، ولو جرى معهم رسول الله - صلوات الله عليه -، على ما يستحقون، لقابلهم بالعتاب والتوبيخ، ولكنه لاقاهم في رفق، ولم يواجههم باللوم، وذلك معنى قوله تعالى:

{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ}:

فالفاء في قوله: {فَبِمَا رَحْمَةٍ} للترتيب؛ لأنهم فروا من مواطن الجهاد، واستحقوا اللوم والتأنيب، فقابلهم - عليه الصلاة والسلام - باللين، و (ما) في قوله تعالى: {فَبِمَا} مزيدة للتأكيد؛ أي: تأكيد الاختصاص الذي دل عليه تقديم الجار والمجرور؛ أعني قوله: (بما رحمة) على الفعل؛ أعني: قوله:


(١) مجلة "الهداية الإسلامية" - الجزء الثالث من المجلد الحادي عشر.